يحذر عدد متزايد من المتخصصين في مجال الصحة من أن الاعتماد على الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي أصبح الآن مصدر قلق خطير للصحة العامة. ريان إريسبييقول رئيس القسم السريري في The Cabin، وهو مركز لإعادة التأهيل في تايلاند، إن العالم يقلل من تقدير مدى تأثير التحفيز الرقمي المستمر على العقل والعلاقات والنوم.
وأوضح أن العديد من الأشخاص يعتقدون أنهم يستخدمون أجهزتهم بطريقة مسؤولة، إلا أن سلوكهم غالبًا ما يعكس التبعية وليس الاختيار. قال إريسبي: “ما يبدأ كرفاهية يصبح إكراهًا”. “تعد الأجهزة ووسائل التواصل الاجتماعي أدوات قوية، ولكن يجب أن تخدمنا، لا أن تسيطر علينا. ومن خلال وضع الحدود وإعطاء الأولوية للاتصال بالعالم الحقيقي، فإننا نحمي صحتنا العقلية ونعزز العلاقات التي تهم حقًا.”
بحث جديد يثير القلق بشأن السلوك الرقمي
أظهرت الدراسات الحديثة أن الاستخدام غير الصحي للتكنولوجيا يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية عقلية خطيرة. تابع الباحثون في كلية طب وايل كورنيل أكثر من 4000 شاب، ووجدوا أن أولئك الذين ظهرت عليهم علامات استخدام الشاشات الإدمانية كانوا أكثر عرضة بثلاث مرات للأفكار أو السلوكيات الانتحارية. ال النتائج اقترح أن المشكلة لا تكمن في إجمالي الوقت الذي يقضيه على الإنترنت، بل في التبعية العاطفية الناتجة عن المشاركة المستمرة.
أ مراجعة 2025 نشرت في مجلة أبحاث الإنترنت الطبية وجدت أن عوامل مثل ضغط الأقران، والوحدة، والحياة الحضرية تساهم في الاستخدام القهري للتكنولوجيا. ويدعو خبراء آخرون إلى نشر برامج “الرفاهية الرقمية” في المدارس وأماكن العمل لمساعدة الناس على التعرف على الأنماط الضارة في وقت مبكر.
تستجيب العيادات الآن للحاجة المتزايدة للتدخل. وفي الهند، تم افتتاح عيادة رقمية جديدة للرفاهية في ميسورو، تقدم العلاج للأشخاص الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على الحد من استخدام الشاشات. يركز المركز على مساعدة الأفراد على إدارة القلق والاكتئاب واضطرابات النوم المرتبطة بالتعرض المفرط للأجهزة الرقمية.
العلامات التي تشير إلى أن الاستخدام قد يتحول إلى تبعية
يقول متخصصو الصحة العقلية أن هناك علامات تحذيرية واضحة عندما تبدأ التكنولوجيا في السيطرة. من بين الأعراض الأكثر شيوعًا فحص الهاتف باستمرار عند الاستيقاظ أو قبل النوم، والشعور بالقلق عند قطع الاتصال، وفقدان الوقت على الإنترنت، وإهمال المسؤوليات الاجتماعية أو المهنية. يمكن أيضًا أن تظهر التغيرات العاطفية تدريجيًا، مثل التهيج أو الأرق أو الحزن بعد قضاء فترات طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي.
يقول إريسبي إن هذه السلوكيات أصبحت شائعة بشكل متزايد بين المرضى الذين يطلبون المساعدة في The Cabin. يصف الكثيرون شعورهم بعدم القدرة على التوقف عن العمل، حتى عندما يدركون مدى تأثير ذلك على صحتهم العاطفية. وقال: “نرى أشخاصاً حاضرين ذهنياً في عالمهم الرقمي ولكنهم غائبون في عالمهم الحقيقي”. “إنه يضر بالعلاقات والتركيز والثقة.”
إعادة بناء التوازن من خلال الوعي والتغييرات الصغيرة
يوصي الخبراء بالبدء بخطوات بسيطة لاستعادة التوازن. يمكن أن يساعد تحديد أوقات محددة يتم فيها وضع الهواتف بعيدًا، وإيقاف تشغيل الإشعارات غير الضرورية، وإبعاد الأجهزة عن غرف النوم في تقليل الاعتماد عليها. إن الانخراط في أنشطة مثل المشي أو القراءة أو تمارين اليقظة الذهنية يسمح للدماغ بالتعافي من التحفيز الزائد. كما أن قضاء الوقت مع الأصدقاء أو العائلة بدون شاشات يعزز الروابط العاطفية الحقيقية.
تشير النتائج الجديدة أيضًا إلى أن التفكير يلعب دورًا رئيسيًا في التعافي. إن فهم المحفزات العاطفية التي تدفع إلى استخدام الأجهزة (مثل الملل أو الوحدة أو التوتر) يسمح للناس باستبدال التمرير بآليات تكيف أكثر صحة.
قضية الصحة العامة المتزايدة
ومع تزايد الوعي العالمي، بدأت البلدان في استكشاف التدابير السياسية. في ولاية كاليفورنيا، صدر قانون جديد يلزم منصات التواصل الاجتماعي بحمل ملصقات تحذيرية صحية مماثلة لتلك المستخدمة على منتجات التبغ. ويقول صناع السياسات إن هذه الخطوة تعكس القلق المتزايد بشأن الآثار طويلة المدى للتكنولوجيا على الصحة العقلية، خاصة بين المستخدمين الأصغر سنا.
يعتقد إريسبي أن مثل هذه المبادرات مهمة لكنه يؤكد على أن الوعي الشخصي يظل هو الشكل الأكثر فعالية للوقاية. وقال: “لا يمكننا أن نتوقع من شركات التكنولوجيا أن تحل هذه المشكلة وحدها”. “يبدأ الأمر عندما يدرك الأفراد كيف تؤثر عاداتهم على عقولهم، ثم يختارون استعادة السيطرة.”
ومع ظهور المزيد من الأبحاث وافتتاح عيادات جديدة في جميع أنحاء العالم، يتفق الخبراء على أنه يجب التعامل مع الإدمان الرقمي بنفس الجدية التي يتم التعامل بها مع الإدمان السلوكي الآخر. والرسالة بسيطة: يمكن للتكنولوجيا أن تثري الحياة عندما تستخدم بوعي، ولكن إذا تركت دون رادع، فإنها يمكن أن تؤدي بهدوء إلى تآكل الرفاهية ذاتها التي وعدت ذات يوم بتعزيزها.
This article was written by Psychreg News Team from www.psychreg.org
رابط المصدر




